اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
90241 مشاهدة
تلقي التابعين تفسير القرآن عن الصحابة

يقولون: من التابعين من تلقى جميع التفسير عن الصحابة يعني تتلمذوا على الصحابة فلذلك إن كان التلاميذ أخذوا عن الصحابة رضي الله عنهم قال مجاهد عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات. في بعض الروايات ذكر ابن كثير في مقدمة التفسير عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات أوقفه عند كل آية وأسأله عنها. يعني أخذه، أخذ التفسير عن ابن عباس ثلاث مرات يوقفه عند كل آية.
وابن عباس رضي الله عنه صحابي جليل، ومن العرب الفصحاء. ثم له ميزة، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له في الأثر المشهور قال: اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل فكان آية في القرآن. ذكر ابن كثير في أول تفسيره أن ابن عباس فسر مرة سورة النور تفسيرا بليغا لو سمعه الفرس، والروم، والترك لأسلموا، يعني من بلاغته وقوته. ولهذا قال الثوري - الثوري سفيان بن سعيد بن مسروق العالم المشهور كان له مذهب ولكن أهمله أصحابه لم يدونوه - يقول: إذا جاءك التفسير عن مجاهد يعني مجاهد بن جبر تلميذ ابن عباس إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به. ولهذا يعتمد الشافعي والبخاري وغيرهما من أهل العلم على التفسير المنقول عن مجاهد يعتمد على تفسيره الإمام الشافعي رحمه الله والبخاري .
فالبخاري أيضا في كتابه الصحيح ينقل كثيرا من الآثار. وأكثر ما ينقل عن مجاهد وغيره من التابعين يعتمدون على تفسيره، وغيرهما من أهل العلم . وكذلك الإمام أحمد وغيره ممن صنف في التفسير. يكرر الطرق عن مجاهد أكثر من غيره. وكذلك ابن جرير الإمام أحمد ذكروا أن له تفسيرا، وأن فيه مائة وعشرين ألف أثر أو حديث. وإن كان ما تيسر العثور عليه .
والمقصود أن التابعين رحمهم الله تلقوا التفسير عن الصحابة، كما تلقوا عنهم علم السنة. وإن كانوا قد يتكلمون في بعض ذلك بالاستنباط والاستدلال. وتلقوا التفسير، وتلقوا الحديث عن الصحابة رضي الله عنهم. لكن قد لا يوجد أثر عن الصحابة، فالتابعون بما أعطاهم الله تعالى من فهم القرآن قد يتكلمون في بعض الآيات بالاستنباط والاستدلال.
يستنبط أحدهم من هذه الآية كذا، أو يفسره بمعنى يفهمه. كما يتكلمون في بعض السنن بالاستنباط والاستدلال عن الوقائع التي تقع لهم كثيرا ما يتوقفون فيها. وكثير منهم يحتاج إلى أن يفتي فيها برأيه، أو بما ظهر له من عمومات الأدلة. إذا لم يجد نصا فيستنبط الدلالة من حديث أو من آية ..فإن يجد ذلك مرفوعا فكذلك أيضا الآيات يستنبط منها فوائد وأحكاما، وما أشبه ذلك. يعني ليس كل ما نقل عن التابعين يكون مرويا عن الصحابة . بل قد يروى عن التابعين تفاسير فسروها بالاستنباط وبالفهم. وكذلك ليس كل ما روي عن التابعين من الأحكام ومن المسائل التي أفتوا فيها ليس كله يعتمدون فيه على النقل. بل قد لا يجدون في الآيات دليلا ولا في الأحاديث فيحتاجون إلى الاستنباط والاستدلال.